بين الخطف والإقصاء.. استهداف ميليشيا الحوثي للمعلمين يهدد مستقبل اليمن

بين الخطف والإقصاء.. استهداف ميليشيا الحوثي للمعلمين يهدد مستقبل اليمن
تلاميذ في مدرسة يمنية- أرشيف

في بلد أنهكته الحرب منذ ما يقارب العقد من الزمن، لم يسلم قطاع التعليم في اليمن من التدهور والاستهداف الممنهج، خصوصًا في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث تحولت المدارس إلى ساحات لنشر الأيديولوجيا، وتحول المعلم من صانع أجيال إلى ضحية للابتزاز والخطف والتنكيل. 

وبين حرمان المعلمين من الأجور وحقوقهم الأساسية، وتصاعد حملات الاختطاف، يواجه جيل كامل من الأطفال خطر ضياع مستقبله التعليمي.

وأصدرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بيانًا عاجلًا عبر منصة "إكس"، الأربعاء، أدانت فيه بشدة عملية اختطاف عدد من المعلمين في مديرية ماوية بمحافظة تعز، واقتيادهم إلى مراكز احتجاز في مدينة الصالح.

وصف البيان الحادثة بأنها جزء من "حملة ممنهجة تستهدف الكوادر التربوية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين"، مشيرًا إلى أن الضحايا يُستهدفون بسبب رفضهم الانخراط في الأنشطة الطائفية والسياسية التي تفرضها الجماعة داخل المدارس.

وتعرض المعلمون المخطوفون، وفق الشبكة، للإخفاء القسري، فيما مُنعت أسرهم من التواصل معهم أو معرفة أماكن احتجازهم، في انتهاك صارخ للقانون اليمني والدولي.

انهيار التعليم وتسييس المناهج

هذه الانتهاكات تأتي في سياق أزمة تعليمية خانقة يعيشها اليمن منذ سنوات الحرب، فقد شهدت مناطق سيطرة الحوثيين تغييرات جذرية في المناهج الدراسية، واستبدال محتواها بمواد ذات طابع طائفي وأيديولوجي.

ويقول خبراء تربويون إن هذه السياسات لا تكتفي بتدمير جودة التعليم، بل تهدد بتكريس الانقسام المجتمعي على المدى البعيد.

المعلم اليمني، الذي يفترض أن يكون رمزًا للاستقرار والوعي، يعيش اليوم ظروفًا مأساوية ما بين حرمان من الرواتب منذ سنوات، وغياب الضمانات الصحية والاجتماعية، وتعرض للاعتقال والإخفاء القسري إذا رفض المشاركة في الأنشطة الدعائية للجماعة.

وتحذر الشبكة الحقوقية من أن استمرار هذا الوضع يعني تعطيل العملية التعليمية بالكامل، وترك ملايين الأطفال رهائن للفقر والجهل والتجنيد الإجباري.

جرائم ترقى لانتهاكات دولية

أكد بيان الشبكة أن هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقيات حماية العاملين في التعليم.

وطالبت الشبكة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعلمين المختطفين، وتدخل الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن لوقف استهداف الكوادر التربوية، وفتح تحقيقات مستقلة وشفافة بشأن الانتهاكات، وإدراج هذه الجرائم في تقارير مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية.

كما شددت على ضرورة مناهضة خطاب الكراهية والطائفية في المناهج التعليمية، وإعادة الاعتبار للمدرسة اليمنية كمكان للتعلم والمعرفة، لا كأداة سياسية أو طائفية.

جيل على حافة الضياع

مع استمرار هذه الانتهاكات وغياب التدخل الدولي الفعّال، يقف جيل كامل من الأطفال اليمنيين على حافة الضياع، فالمدرسة التي يفترض أن تكون ملاذًا آمنًا للتعليم والنمو النفسي، تحولت إلى ساحة خوف ورمز لمعاناة المعلمين والطلاب على حد سواء.

ويحذر مراقبون من أن تدمير التعليم هو تدمير لمستقبل اليمن برمته، لأن فقدان الأجيال الجديدة للمعرفة والمهارات سيجعل مسار التعافي أطول وأكثر كلفة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية